ما هو الكولسترول؟ ومتى يكون مرتفعًا؟

ما هو الكولسترول؟ ومتى يكون مرتفعًا؟
دكتور نرمين
طبيبة بشرية وكاتبة المحتوي في - موقع دكتور نرمين

طبيبة بشرية، خبرة سنوات في الطب العام. كاتبة محتوى طبي معتمدة ومتخصصة في تبسيط المفاهيم الطبية.

مقدمة حول ما هو الكولسترول؟ ومتى يكون مرتفعًا؟

ما هو الكولسترول؟ قد تكون سمعت كلمة “كولسترول” مرات لا تحصى، في عيادة الطبيب، أو في إعلان تلفزيوني عن طعام صحي، أو حتى في حديث عابر بين الأصدقاء. غالبًا ما ترتبط هذه الكلمة بتحذيرات صحية ومخاوف من أمراض القلب. ولكن، ما هو الكولسترول حقًا؟ وهل هو دائمًا ذلك الشرير الذي يجب تجنبه بأي ثمن؟ والأهم من ذلك، متى يكون مرتفعًا لدرجة تستدعي القلق واتخاذ إجراءات حاسمة؟

في هذا المقال الشامل والمفصل، سنغوص في أعماق عالم الكولسترول، لنفكك تعقيداته ونقدم لك صورة واضحة ومبسطة. سنتجاوز المفاهيم الشائعة والخاطئة لنبني فهمًا حقيقيًا قائمًا على العلم. ستتعرف على هذا المركب الحيوي الذي لا غنى عنه لحياتك، وكيف يمكن أن يتحول من صديق إلى عدو صامت يهدد صحتك. هذا ليس مجرد مقال، بل هو رحلة استكشافية لصحتك، تزودك بالمعرفة اللازمة لاتخاذ قرارات واعية بشأن نمط حياتك وغذائك. سنغطي كل شيء بدءًا من أساسيات الكيمياء الحيوية، مرورًا بأنواعه المختلفة، وصولًا إلى الأسباب والأعراض، وانتهاءً بأحدث طرق العلاج والوقاية. هيا بنا نبدأ هذه الرحلة المهمة.

الفصل الأول: فهم الأساسيات – ما هو الكولسترول؟

قبل أن نتحدث عن المستويات المرتفعة والمخاطر، من الضروري أن نبني أساسًا متينًا. الكولسترول ليس مادة غريبة عن أجسادنا، بل هو جزء لا يتجزأ من تركيبتنا البيولوجية. فهم طبيعته ووظيفته هو الخطوة الأولى نحو السيطرة عليه.

تعريف الكولسترول: ليس مجرد دهون

الكولسترول (Cholesterol) هو مادة شمعية، دهنية الملمس، تنتمي إلى فئة من الجزيئات تسمى الستيرويدات. على عكس الدهون الأخرى، لا يمد الجسم بالطاقة (السعرات الحرارية). يوجد الكولسترول في كل خلية من خلايا جسمك، من خلايا الدماغ إلى خلايا أصابع قدميك. إنه عنصر أساسي في بناء أغشية الخلايا، مما يمنحها المرونة والقوة اللازمتين لأداء وظائفها بشكل صحيح.

  • مصدران رئيسيان: يحصل جسمك على الكولسترول من مصدرين:
    1. الإنتاج الداخلي (الأغلبية): يقوم الكبد بتصنيع حوالي 75-80% من الكولسترول الذي يحتاجه الجسم. هذا يعني أن جسمك ينتج الكولسترول بشكل طبيعي لأنه حيوي لبقائك.
    2. المصدر الغذائي (الأقلية): النسبة المتبقية (20-25%) تأتي من الأطعمة التي تتناولها، وتحديدًا من المصادر الحيوانية مثل اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان والبيض.
  • الطبيعة الكيميائية: كيميائيًا، هو كحول ستيرويدي (ستيرول). هذه الطبيعة الدهنية تجعله غير قابل للذوبان في الماء، وهو ما يمثل تحديًا لنقله عبر مجرى الدم المائي. وهنا يأتي دور “البروتينات الدهنية” التي سنتحدث عنها لاحقًا.

ما هي وظيفة الكوليسترول في الجسم؟: البطل المجهول

على الرغم من سمعته السيئة، يلعب الكولسترول أدوارًا بطولية وحيوية لا يمكن الاستغناء عنها في الجسم. تخيل أنك تبني منزلًا؛ الكولسترول هو أحد أهم مواد البناء الأساسية. إليك أبرز وظائفه:

  • بناء وسلامة أغشية الخلايا: كل خلية في جسمك محاطة بغشاء. الكولسترول جزء لا يتجزأ من هذا الغشاء، حيث يساعد في الحفاظ على سيولته وقوته، وينظم مرور المواد من وإلى الخلية. بدون كمية كافية من الكولسترول، ستكون أغشية خلاياك إما صلبة جدًا أو سائلة جدًا، مما يعيق وظيفتها.
  • إنتاج الهرمونات: يعمل الكولسترول كمادة أولية (precursor) لإنتاج العديد من الهرمونات الستيرويدية الحيوية، بما في ذلك:
    • الهرمونات الجنسية: مثل التستوستيرون لدى الرجال والإستروجين والبروجسترون لدى النساء.
    • هرمونات الغدة الكظرية: مثل الكورتيزول الذي ينظم الاستجابة للإجهاد، والألدوستيرون الذي يتحكم في توازن الماء والأملاح.
  • تصنيع فيتامين (د): عندما تتعرض بشرتك لأشعة الشمس (تحديدًا الأشعة فوق البنفسجية B)، يتم تحويل مركب مشتق من الكولسترول إلى فيتامين (د). هذا الفيتامين ضروري لصحة العظام، وظيفة المناعة، والعديد من العمليات الأخرى في الجسم.
  • إنتاج الأحماض الصفراوية: يقوم الكبد باستخدام الكولسترول لإنتاج الأحماض الصفراوية. يتم تخزين هذه الأحماض في المرارة وإفرازها في الأمعاء الدقيقة للمساعدة في تكسير وهضم الدهون التي تتناولها في طعامك.

إذًا، من الواضح أن المشكلة ليست في وجود الكولسترول بحد ذاته، بل في زيادة كميته عن الحد المطلوب، أو اختلال التوازن بين أنواعه المختلفة.

الفصل الثاني: رحلة الكولسترول في الجسم – النقل والتوزيع

بما أن الكولسترول مادة دهنية والدم مائي بطبيعته، فإنهما لا يمتزجان، تمامًا مثل الزيت والماء. لنقل الكولسترول عبر مجرى الدم إلى الخلايا التي تحتاجه، يقوم الجسم بتغليفه في “حزم” خاصة تسمى البروتينات الدهنية (Lipoproteins). هذه البروتينات الدهنية هي عبارة عن جزيئات كروية تتكون من دهون (بما في ذلك الكولسترول) وبروتينات. البروتينات تشكل الغلاف الخارجي القابل للذوبان في الماء، بينما تبقى الدهون في الداخل.

امتصاص الكولسترول ونقله في الجسم

عندما تتناول طعامًا يحتوي على كولسترول ودهون، يتم امتصاصها في الأمعاء الدقيقة. هناك، يتم تجميعها في بروتينات دهنية كبيرة جدًا تسمى الكيلومكرونات (Chylomicrons). تنتقل هذه الكيلومكرونات عبر الجهاز اللمفاوي ثم إلى مجرى الدم لتوصيل الدهون (خاصة الدهون الثلاثية) إلى خلايا الجسم لاستخدامها كطاقة أو لتخزينها. ما يتبقى من هذه الكيلومكرونات يعود إلى الكبد ليتم تفكيكه.

يقوم الكبد، وهو المدير المالي للدهون في الجسم، بتجميع الكولسترول والدهون الثلاثية التي ينتجها مع تلك القادمة من بقايا الكيلومكرونات، ويحزمها في أنواع مختلفة من البروتينات الدهنية لإرسالها إلى جميع أنحاء الجسم. هنا تظهر الأنواع الرئيسية التي نسمع عنها دائمًا.

الفرق بين الكولسترول المفيد والكوليسترول الضار

المصطلحات “الكولسترول الضار” و”الكولسترول المفيد” هي تبسيط شائع. في الحقيقة، الكولسترول نفسه هو جزيء واحد. ما يجعله “ضارًا” أو “مفيدًا” هو نوع البروتين الدهني الذي يحمله. دعنا نتعرف على اللاعبين الرئيسيين:

ما هو الكولسترول الضار (LDL)؟

البروتين الدهني منخفض الكثافة (Low-Density Lipoprotein)، أو اختصارًا LDL، يُعرف شعبيًا بـ “الكولسترول الضار”.

  • وظيفته الأساسية: يمكن تشبيه الـ LDL بـ “شاحنات التوصيل”. مهمتها هي نقل الكولسترول من الكبد إلى خلايا الجسم المختلفة التي تحتاجه لبناء الأغشية وإنتاج الهرمونات وغيرها من الوظائف الحيوية.
  • لماذا هو “ضار”؟: عندما تكون مستويات الـ LDL في الدم مرتفعة جدًا، فإن هذه “الشاحنات” تصبح أكثر من اللازم. تبدأ في “إلقاء حمولتها” من الكولسترول على جدران الشرايين. مع مرور الوقت، يتراكم هذا الكولسترول ويتأكسد، مما يثير استجابة التهابية. هذا يؤدي إلى تكوين لويحات (Plaques) صلبة تعرف بـ “العصيدة”. هذه العملية تسمى تصلب الشرايين (Atherosclerosis).
  • النتيجة: هذه اللويحات تضيق الشرايين وتجعلها أقل مرونة، مما يقلل من تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية مثل القلب والدماغ. والأسوأ من ذلك، أن هذه اللويحات يمكن أن تتمزق فجأة، مما يؤدي إلى تكون جلطة دموية قد تسد الشريان تمامًا، مسببة نوبة قلبية أو سكتة دماغية.

ما هو الكولسترول المفيد (HDL)؟

البروتين الدهني عالي الكثافة (High-Density Lipoprotein)، أو اختصارًا HDL، يُعرف بـ “الكولسترول المفيد”.

  • وظيفته الأساسية: يمكن تشبيه الـ HDL بـ “شاحنات جمع النفايات” أو “فريق التنظيف”. مهمتها هي التجول في مجرى الدم وجمع الكولسترول الزائد، بما في ذلك ذلك الذي ترسب في جدران الشرايين، وإعادته إلى الكبد.
  • لماذا هو “مفيد”؟: في الكبد، يتم إعادة تدوير هذا الكولسترول أو التخلص منه خارج الجسم عبر العصارة الصفراوية. من خلال إزالة الكولسترول الزائد من الشرايين، يساعد الـ HDL على منع أو إبطاء تراكم اللويحات المسببة لتصلب الشرايين.
  • النتيجة: كلما ارتفعت مستويات الـ HDL في دمك، كانت حمايتك من أمراض القلب والأوعية الدموية أفضل. المستويات المنخفضة من الـ HDL تعتبر عامل خطر للإصابة بهذه الأمراض.

لاعبون آخرون في الملعب: الدهون الثلاثية وVLDL

  • الدهون الثلاثية (Triglycerides): هي النوع الأكثر شيوعًا من الدهون في الجسم. يتم تخزينها في الخلايا الدهنية وتستخدم كمصدر للطاقة بين الوجبات. المستويات المرتفعة من الدهون الثلاثية، خاصة عندما تكون مصحوبة بارتفاع الـ LDL أو انخفاض الـ HDL، تزيد أيضًا من خطر الإصابة بأمراض القلب.
  • البروتين الدهني منخفض الكثافة جدًا (Very Low-Density Lipoprotein – VLDL): ينتجه الكبد أيضًا، ومهمته الرئيسية هي نقل الدهون الثلاثية إلى الخلايا. بمجرد أن يفرغ حمولته من الدهون الثلاثية، يتحول إلى LDL. لذلك، ترتبط المستويات المرتفعة من الـ VLDL بارتفاع مستويات الـ LDL والدهون الثلاثية.

الفصل الثالث: الأرقام تتحدث – تحليل الكولسترول وفهم النتائج

بما أن ارتفاع الكولسترول ليس له أعراض، فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة مستوياتك هي من خلال فحص دم بسيط يسمى لوحة الدهون (Lipid Panel) أو ملف الدهون (Lipid Profile). هذا التحليل هو نافذتك على صحة قلبك وشرايينك.

إقرأ أيضاً:  جرثومة المعدة الأعراض والعلاج Helicobacter pylori

تحليل الكولسترول: ماذا يقيس؟

يقيس تحليل لوحة الدهون عادةً أربعة مكونات رئيسية، وفي بعض الأحيان خمسة:

  1. الكولسترول الكلي (Total Cholesterol): هو المجموع الإجمالي لجميع أنواع الكولسترول في دمك (LDL + HDL + جزء من VLDL).
  2. كولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL-C): يقيس كمية الكولسترول المحمول بواسطة بروتينات LDL. هذا هو الرقم الذي يوليه الأطباء اهتمامًا كبيرًا.
  3. كولسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL-C): يقيس كمية الكولسترول المحمول بواسطة بروتينات HDL. هنا، الرقم الأعلى هو الأفضل.
  4. الدهون الثلاثية (Triglycerides): تقيس كمية هذا النوع من الدهون في دمك.
  5. الكولسترول غير عالي الكثافة (Non-HDL-C) (أحيانًا): يتم حسابه بطرح قيمة HDL من قيمة الكولسترول الكلي. يعتبره العديد من الخبراء مؤشرًا أفضل للمخاطر من LDL وحده، لأنه يشمل جميع البروتينات الدهنية “الضارة” (LDL و VLDL).

للحصول على نتائج دقيقة، قد يطلب منك الطبيب الصيام لمدة 9 إلى 12 ساعة قبل سحب عينة الدم. هذا يعني عدم تناول أي طعام أو شراب باستثناء الماء.

متى يعتبر الكوليسترول مرتفعًا؟ فهم الأرقام

تحديد ما إذا كانت مستويات الكولسترول لديك “مرتفعة” ليس دائمًا أمرًا قاطعًا. تعتمد المستويات المثالية لك على عوامل الخطر الأخرى لديك، مثل العمر، الجنس، التدخين، ضغط الدم، ووجود مرض السكري أو أمراض القلب. ومع ذلك، هناك إرشادات عامة تساعد في تفسير النتائج. يتم قياس الكولسترول عادةً بالملليغرام لكل ديسيلتر (ملغ/ديسيلتر) في الولايات المتحدة والعديد من البلدان، أو بالملليمول لكل لتر (مليمول/لتر) في بلدان أخرى.

فيما يلي جدول تفصيلي يوضح نسب الكولسترول في الدم وفقًا للإرشادات الشائعة (بالملغ/ديسيلتر):

جدول نسب الكوليسترول في الدم (للبالغين)

نوع التحليل المستوى الأمثل/المرغوب قريب من الحد الأعلى/حدي مرتفع مرتفع جدًا
الكولسترول الكلي أقل من 200 200 – 239 240 أو أعلى
الكولسترول الضار (LDL) أقل من 100 (أمثل)
100 – 129 (قريب من الأمثل)
130 – 159 160 – 189 190 أو أعلى
الكولسترول المفيد (HDL) 60 أو أعلى (يعتبر واقيًا) 40 – 59 (للرجال)
50 – 59 (للنساء)
أقل من 40 (للرجال)
أقل من 50 (للنساء) (يعتبر منخفضًا وعامل خطر)
الدهون الثلاثية أقل من 150 150 – 199 200 – 499 500 أو أعلى

ملاحظات هامة حول الأرقام

  • الأهداف الشخصية: هذه الأرقام هي إرشادات عامة. إذا كنت تعاني من مرض السكري أو كان لديك تاريخ من النوبات القلبية، فقد يضع طبيبك أهدافًا أكثر صرامة لمستوى الـ LDL، مثل أقل من 70 ملغ/ديسيلتر.
  • نسبة الكولسترول: في بعض الأحيان، ينظر الأطباء إلى نسبة الكولسترول الكلي إلى HDL. يتم حسابها بقسمة الكولسترول الكلي على HDL. النسبة المثالية هي أقل من 3.5.
  • لا يوجد رقم واحد يناسب الجميع: من المهم جدًا مناقشة نتائجك مع طبيبك. سيقوم بتقييم المخاطر الكلية لأمراض القلب والأوعية الدموية لديك (باستخدام حاسبات المخاطر) ووضع خطة علاجية مخصصة لك.

الفصل الرابع: عندما تخرج الأمور عن السيطرة – أضرار ومضاعفات ارتفاع الكولسترول

لقد أشرنا إلى أن ارتفاع الكولسترول، وخاصة الـ LDL، يؤدي إلى تصلب الشرايين. ولكن ما هي التبعات العملية والخطيرة لهذه الحالة؟ إنها ليست مجرد أرقام في تقرير مختبر؛ إنها حالة يمكن أن تغير حياتك بشكل جذري.

أضرار ارتفاع الكولسترول: القاتل الصامت

يطلق على ارتفاع الكولسترول لقب “القاتل الصامت” لسبب وجيه: إنه لا يسبب أي أعراض في حد ذاته. يمكنك أن تعيش لسنوات بمستويات كولسترول خطيرة دون أن تشعر بأي شيء. الضرر يحدث بصمت وببطء في الخفاء، داخل شرايينك.

الضرر الرئيسي هو تصلب الشرايين (Atherosclerosis). هذه العملية التدريجية لتراكم اللويحات المكونة من الكولسترول والدهون والكالسيوم ومواد أخرى في جدار الشريان تؤدي إلى:

  1. تضييق الشرايين: مع نمو اللويحة، يضيق الممر الذي يتدفق من خلاله الدم. هذا يجبر القلب على العمل بجهد أكبر لضخ الدم عبر هذه الممرات الضيقة.
  2. فقدان المرونة: الشرايين السليمة مرنة وقادرة على التمدد والانقباض مع كل نبضة قلب. اللويحات تجعل جدران الشرايين صلبة وهشة.
  3. خطر التمزق والجلطات: السطح الخارجي للويحة يمكن أن يتمزق. عندما يحدث هذا، يعتبره الجسم جرحًا ويقوم بتكوين جلطة دموية لإصلاحه. هذه الجلطة يمكن أن تنمو بسرعة وتسد الشريان تمامًا، أو قد تتحرر وتنتقل لتسد شريانًا أصغر في مكان آخر.

مضاعفات خطيرة لارتفاع الكولسترول

المضاعفات هي الأعراض والأمراض التي تظهر عندما يصل تصلب الشرايين إلى مرحلة حرجة. تعتمد المضاعفات على الشرايين التي تأثرت:

  • مرض الشريان التاجي (Coronary Artery Disease):
    • ما هو؟: يحدث عندما تضيق الشرايين التي تغذي عضلة القلب نفسها (الشرايين التاجية).
    • الأعراض: قد تشعر بألم في الصدر يسمى الذبحة الصدرية (Angina)، خاصة عند بذل مجهود. يوصف هذا الألم غالبًا بأنه ضغط أو ثقل أو عصر في الصدر.
    • النتيجة النهائية: إذا سدت جلطة دموية شريانًا تاجيًا بالكامل، فإنها تمنع تدفق الدم إلى جزء من عضلة القلب، مما يؤدي إلى موته. هذه هي النوبة القلبية (Heart Attack).
  • السكتة الدماغية (Stroke):
    • ما هي؟: تحدث عندما يتأثر تدفق الدم إلى الدماغ. يمكن أن يحدث هذا بسبب جلطة تسد شريانًا يغذي الدماغ (سكتة دماغية إقفارية، وهي الأكثر شيوعًا)، أو بسبب تمزق وعاء دموي في الدماغ.
    • الأعراض: تظهر الأعراض فجأة وقد تشمل خدرًا أو ضعفًا في الوجه أو الذراع أو الساق (خاصة في جانب واحد من الجسم)، صعوبة في التحدث أو الفهم، مشاكل في الرؤية، دوار، أو صداع شديد ومفاجئ.
    • النتيجة النهائية: يمكن أن تسبب السكتة الدماغية تلفًا دائمًا في الدماغ، وإعاقة طويلة الأمد، أو الوفاة.
  • مرض الشريان المحيطي (Peripheral Artery Disease – PAD):
    • ما هو؟: يحدث عندما تضيق الشرايين التي تزود الساقين والقدمين (وأحيانًا الذراعين) بالدم.
    • الأعراض: العرض الأكثر شيوعًا هو ألم أو تشنج في عضلات الساق (خاصة في ربلة الساق) أثناء المشي أو ممارسة الرياضة، والذي يختفي مع الراحة. وهذا ما يسمى العرج المتقطع (Intermittent Claudication).
    • النتيجة النهائية: في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي نقص تدفق الدم إلى ألم حتى أثناء الراحة، وتقرحات لا تلتئم، والغرغرينا، مما قد يتطلب بتر الطرف المصاب.
  • ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى المزمنة: يمكن أن يؤثر تصلب الشرايين أيضًا على الشرايين المؤدية إلى الكلى، مما يضعف وظيفتها ويساهم في ارتفاع ضغط الدم.

وماذا عن انخفاض الكولسترول؟

في حين أن التركيز دائمًا على أضرار ارتفاع الكولسترول، قد يتساءل البعض عن انخفاضه. انخفاض مستويات الكولسترول (خاصة LDL) بشكل كبير أمر نادر جدًا وعادة ما يكون مرتبطًا بحالات طبية أخرى مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، سوء التغذية، أو بعض أنواع السرطان. هناك بعض الأبحاث التي تربط المستويات المنخفضة جدًا من الكولسترول بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية النزفية والقلق والاكتئاب، لكن الأدلة لا تزال غير قاطعة وتحتاج إلى مزيد من الدراسة.

الفصل الخامس: البحث عن الجاني – أسباب وعوامل خطر ارتفاع الكولسترول

لماذا ترتفع مستويات الكولسترول لدى بعض الأشخاص دون غيرهم؟ الإجابة تكمن في مزيج معقد من العوامل الوراثية، ونمط الحياة، والحالات الطبية الأخرى. يمكن تقسيم هذه العوامل إلى فئتين: تلك التي يمكننا التحكم فيها، وتلك التي لا يمكننا تغييرها.

عوامل نمط الحياة (يمكن تغييرها)

هذه هي الأخبار الجيدة: العديد من الأسباب الرئيسية لارتفاع الكولسترول تقع ضمن نطاق سيطرتك المباشرة. إجراء تغييرات إيجابية في هذه المجالات يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.

النظام الغذائي غير الصحي

هذا هو العامل الأكثر تأثيرًا. أنواع معينة من الدهون في طعامك يمكن أن ترفع مستويات الكولسترول الضار (LDL) بشكل كبير.

  • الدهون المشبعة (Saturated Fats): هذه هي الجاني الأكبر. توجد بشكل أساسي في:
    • اللحوم الحمراء الدهنية (لحم البقر، لحم الضأن).
    • اللحوم المصنعة (النقانق، البرجر، اللانشون).
    • منتجات الألبان كاملة الدسم (الحليب، الجبن، الزبدة، القشطة).
    • الزيوت الاستوائية (زيت جوز الهند، زيت النخيل).
  • الدهون المتحولة (Trans Fats): هي أسوأ أنواع الدهون على الإطلاق. لا ترفع الـ LDL فحسب، بل تخفض أيضًا الـ HDL (الكولسترول المفيد). يتم إنتاجها صناعيًا عبر عملية تسمى الهدرجة. توجد في:
    • الأطعمة المقلية (البطاطس المقلية، الدجاج المقلي).
    • المخبوزات التجارية (الكعك، البسكويت، الفطائر).
    • السمن النباتي المهدرج.
    • الوجبات السريعة.
  • الكولسترول الغذائي: على الرغم من أنه كان يُعتقد سابقًا أنه السبب الرئيسي، إلا أن الأبحاث الحديثة أظهرت أن تأثير الكولسترول الموجود في الطعام (مثل صفار البيض والمأكولات البحرية) على مستويات الكولسترول في الدم أقل بكثير من تأثير الدهون المشبعة والمتحولة لدى معظم الناس.

قلة النشاط البدني

الخمول البدني له تأثير سلبي مزدوج. يمكن أن يؤدي إلى خفض مستويات الكولسترول المفيد (HDL) ورفع مستويات الكولسترول الضار (LDL). ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وخاصة التمارين الهوائية (مثل المشي السريع، الجري، السباحة)، تساعد على رفع الـ HDL.

إقرأ أيضاً:  فيروجلوبين Feroglobin

زيادة الوزن أو السمنة

حمل وزن زائد، خاصة حول منطقة البطن، يميل إلى زيادة الدهون الثلاثية وخفض الـ HDL. فقدان حتى نسبة صغيرة من وزن الجسم (5-10%) يمكن أن يحسن بشكل كبير من ملف الدهون لديك.

التدخين

التدخين كارثة حقيقية لصحة القلب والأوعية الدموية. المواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر يمكن أن:

  • تلحق الضرر ببطانة الشرايين، مما يسهل تراكم لويحات الكولسترول.
  • تخفض مستويات الكولسترول المفيد (HDL).
  • تجعل الكولسترول الضار (LDL) أكثر “لزوجة” وقابلية للأكسدة، مما يجعله أكثر خطورة.

عوامل لا يمكن تغييرها (أو يصعب تغييرها)

هذه العوامل تزيد من احتمالية إصابتك بارتفاع الكولسترول، وفهمها يساعدك على أن تكون أكثر يقظة بشأن الفحوصات المنتظمة.

  • الوراثة (التاريخ العائلي): إذا كان أحد والديك أو أشقائك يعاني من ارتفاع الكولسترول أو أمراض القلب المبكرة (قبل سن 55 للرجال أو 65 للنساء)، فأنت في خطر متزايد. هناك حالة وراثية تسمى فرط كوليسترول الدم العائلي (Familial Hypercholesterolemia)، حيث لا يستطيع الجسم التخلص من الـ LDL بكفاءة، مما يؤدي إلى مستويات عالية جدًا منذ الصغر.
  • العمر: مع تقدمك في السن، يميل الكبد إلى أن يصبح أقل كفاءة في إزالة الكولسترول الضار من الدم. لذلك، تزداد مستويات الكولسترول بشكل طبيعي مع العمر.
  • الجنس: قبل سن اليأس، عادة ما تكون مستويات الكولسترول الكلي لدى النساء أقل من الرجال. ولكن بعد انقطاع الطمث، ترتفع مستويات الـ LDL لدى النساء، مما يجعلهن أكثر عرضة للخطر. وهذا يفسر جزئيًا أسباب ارتفاع الكولسترول عند النساء في منتصف العمر.

الحالات الطبية الأخرى

بعض الأمراض يمكن أن تؤثر سلبًا على مستويات الكولسترول:

  • مرض السكري من النوع 2: غالبًا ما يكون مصحوبًا بملف دهون غير صحي (ارتفاع الدهون الثلاثية، انخفاض HDL، و LDL أكثر ضررًا).
  • قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism): عندما لا تنتج الغدة الدرقية ما يكفي من الهرمونات، يمكن أن ترتفع مستويات الكولسترول الكلي و LDL.
  • أمراض الكلى المزمنة.
  • أمراض الكبد.

الفصل السادس: قراءة إشارات الجسد – أعراض ارتفاع الكولسترول

هذا هو أحد أكثر الفصول أهمية وإثارة للقلق في نفس الوقت. السؤال الذي يطرحه الجميع هو: ما هي أعراض ارتفاع الكولسترول؟ والإجابة المباشرة والمفاجئة هي: لا توجد أعراض مباشرة لارتفاع الكولسترول نفسه.

لماذا لا توجد أعراض مبكرة؟

كما ذكرنا، ارتفاع الكولسترول هو عملية صامتة. تراكم اللويحات في الشرايين يستغرق سنوات، بل عقودًا. خلال هذه الفترة، لا تشعر بأي شيء مختلف. جسمك لا يرسل إشارات تحذيرية مثل الألم أو الحمى. هذا هو السبب في أن الفحص الدوري المنتظم هو أمر حيوي للغاية، حتى لو كنت تشعر بأنك في أفضل حال.

الأعراض التي تظهر هي أعراض المضاعفات

عندما تبدأ الأعراض في الظهور، فهذا يعني أن تصلب الشرايين قد تقدم إلى درجة أثرت بشكل كبير على تدفق الدم، أو أن لويحة قد تمزقت وتسببت في جلطة. هذه الأعراض ليست للكولسترول، بل للأمراض التي يسببها:

  • أعراض مرض الشريان التاجي:
    • الذبحة الصدرية: ألم أو ضغط في الصدر، قد يمتد إلى الكتف أو الذراع أو الظهر أو الفك.
    • ضيق في التنفس.
    • تعب شديد عند بذل مجهود بسيط.
  • أعراض النوبة القلبية:
    • ألم شديد وساحق في الصدر يستمر لعدة دقائق.
    • ألم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجزء العلوي من الجسم.
    • عرق بارد، غثيان، دوار.
  • أعراض السكتة الدماغية: (تذكر اختصار F.A.S.T.)
    • F – Face (الوجه): تدلي جانب واحد من الوجه.
    • A – Arms (الذراعان): ضعف في ذراع واحدة وعدم القدرة على رفعها.
    • S – Speech (الكلام): كلام غير واضح أو صعوبة في التحدث.
    • T – Time (الوقت): الوقت حاسم، اتصل بالإسعاف فورًا.
  • أعراض مرض الشريان المحيطي:
    • ألم أو تشنج في الساقين أثناء المشي.
    • برودة في الساقين أو القدمين.
    • تغير في لون جلد الساقين.
    • تقرحات لا تلتئم في القدمين.

هل هناك علامات جسدية نادرة؟

في حالات نادرة جدًا، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من فرط كوليسترول الدم العائلي (مستويات عالية جدًا وراثيًا)، قد تظهر بعض العلامات الجسدية:

  • الورم الأصفر (Xanthomas): رواسب دهنية صفراء تتشكل تحت الجلد، غالبًا على المرفقين أو الركبتين أو الأوتار (خاصة وتر العرقوب).
  • القوس الشيخوخي (Arcus Senilis): حلقة بيضاء أو رمادية حول قزحية العين. يمكن أن تكون علامة على ارتفاع الكولسترول لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 45 عامًا.
  • اللويحة الصفراء (Xanthelasma): بقع صفراء صغيرة على الجفون أو حولها.

إذا لاحظت أيًا من هذه العلامات، فمن الضروري استشارة الطبيب على الفور، لأنها قد تشير إلى مستويات خطيرة من الكولسترول.

أعراض ارتفاع الكولسترول عند النساء والرجال

لا تختلف أعراض مضاعفات ارتفاع الكولسترول بشكل كبير بين الرجال والنساء. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن النساء، خاصة بعد انقطاع الطمث، قد يعانين من أعراض نوبة قلبية مختلفة عن الأعراض “الكلاسيكية” التي تظهر عند الرجال. قد تشعر النساء بأعراض مثل ضيق التنفس، الغثيان، القيء، وألم في الظهر أو الفك، بدلاً من ألم الصدر الشديد. هذا الاختلاف قد يؤدي إلى تأخير التشخيص والعلاج.

أعراض الكوليسترول النفسية

لا يسبب ارتفاع الكولسترول أعراضًا نفسية مباشرة. ومع ذلك، فإن تشخيص الإصابة بارتفاع الكولسترول والمخاوف من المضاعفات المستقبلية (مثل النوبة القلبية) يمكن أن يسبب قلقًا وتوترًا وضغطًا نفسيًا. كما أن الالتزام بنظام غذائي جديد ونمط حياة مختلف قد يكون صعبًا ومحبطًا في البداية. من المهم التعامل مع هذه الجوانب النفسية كجزء من خطة العلاج الشاملة.

الفصل السابع: خطة العمل – التشخيص والعلاج والوقاية

الآن بعد أن فهمنا ما هو الكولسترول، ومتى يكون مرتفعًا، ومخاطره، حان الوقت للتركيز على الحلول. لحسن الحظ، ارتفاع الكولسترول حالة يمكن إدارتها والتحكم فيها بفعالية كبيرة من خلال التشخيص المبكر والخطة العلاجية الصحيحة.

التشخيص: الخطوة الأولى نحو السيطرة

كما أكدنا مرارًا، التشخيص يعتمد كليًا على فحص الدم (لوحة الدهون). توصي جمعية القلب الأمريكية بما يلي:

  • للبالغين: يجب على جميع البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 20 عامًا فحص مستويات الكولسترول لديهم كل 4 إلى 6 سنوات.
  • للأشخاص ذوي المخاطر العالية: إذا كان لديك عوامل خطر أخرى (مثل تاريخ عائلي، مرض السكري، ارتفاع ضغط الدم)، فقد يوصي طبيبك بإجراء فحوصات متكررة أكثر.
  • للأطفال: يُنصح بإجراء فحص واحد على الأقل بين سن 9 و 11 عامًا، وآخر بين سن 17 و 21 عامًا. إذا كان هناك تاريخ عائلي قوي، فقد يبدأ الفحص في سن مبكرة تصل إلى عامين.

العلاج: نهج متعدد الجوانب

يعتمد علاج ارتفاع الكولسترول على نهج من شقين: تغييرات نمط الحياة، وفي كثير من الحالات، الأدوية. الهدف ليس فقط خفض الأرقام، بل تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل عام.

حجر الزاوية: تغييرات نمط الحياة

هذه هي الخطوة الأولى والأكثر أهمية في إدارة الكولسترول. حتى لو وصف لك الطبيب دواءً، فإن هذه التغييرات تظل ضرورية لفعالية العلاج.

  1. اتباع نظام غذائي صحي للقلب:
    • تقليل الدهون المشبعة والمتحولة: استبدل الزبدة والسمن بالزيوت النباتية الصحية مثل زيت الزيتون. اختر قطع اللحم الخالية من الدهون والدواجن منزوعة الجلد. قلل من الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة.
    • زيادة الألياف القابلة للذوبان: هذه الألياف يمكن أن ترتبط بالكولسترول في الجهاز الهضمي وتمنع امتصاصه. توجد في الشوفان، الشعير، التفاح، الفول، البازلاء، والجزر.
    • تناول الدهون الصحية (غير المشبعة): الدهون الأحادية غير المشبعة (في زيت الزيتون، الأفوكادو، المكسرات) والدهون المتعددة غير المشبعة (في الأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة، بذور الكتان، الجوز) يمكن أن تساعد في خفض الـ LDL.
    • إضافة الستيرولات والستانولات النباتية: توجد هذه المركبات بشكل طبيعي في النباتات وتساعد على منع امتصاص الكولسترول. تضاف الآن إلى بعض أنواع السمن النباتي وعصير البرتقال.
  2. ممارسة الرياضة بانتظام:
    • اهدِف إلى 150 دقيقة على الأقل من التمارين الهوائية متوسطة الشدة (مثل المشي السريع) أو 75 دقيقة من التمارين عالية الشدة (مثل الجري) كل أسبوع.
    • أضف تمارين القوة (رفع الأثقال) مرتين في الأسبوع.
    • التمارين لا تخفض الـ LDL بشكل كبير فحسب، بل هي فعالة جدًا في رفع الـ HDL المفيد.
  3. الإقلاع عن التدخين:
    • هذه واحدة من أفضل الخطوات التي يمكنك اتخاذها لصحة قلبك. في غضون عام واحد من الإقلاع عن التدخين، ينخفض خطر الإصابة بأمراض القلب إلى النصف.
  4. الوصول إلى وزن صحي والحفاظ عليه:
    • فقدان الوزن الزائد يمكن أن يساعد في خفض الكولسترول الضار والدهون الثلاثية.

العلاج الدوائي: عندما لا تكفي تغييرات نمط الحياة

في بعض الأحيان، خاصة مع المستويات المرتفعة جدًا أو وجود عوامل خطر متعددة، لا تكون تغييرات نمط الحياة كافية. هنا يأتي دور الأدوية.

  • الستاتينات (Statins):
    • كيف تعمل؟: هي الأدوية الأكثر شيوعًا وفعالية. تعمل عن طريق منع إنزيم في الكبد مسؤول عن إنتاج الكولسترول.
    • أمثلة: أتورفاستاتين (Atorvastatin)، روسوفاستاتين (Rosuvastatin)، سيمفاستاتين (Simvastatin).
  • مثبطات امتصاص الكولسترول:
    • كيف تعمل؟: تمنع امتصاص الكولسترول من الطعام في الأمعاء الدقيقة.
    • أمثلة: إزيتيميب (Ezetimibe). غالبًا ما يستخدم مع الستاتينات.
  • منحيات حامض الصفراء (Bile Acid Sequestrants):
    • كيف تعمل؟: ترتبط بالأحماض الصفراوية في الأمعاء، مما يجبر الكبد على استخدام المزيد من الكولسترول لإنتاج أحماض جديدة، وبالتالي خفض مستويات الكولسترول في الدم.
    • أمثلة: كوليسترامين (Cholestyramine).
  • مثبطات (PCSK9):
    • كيف تعمل؟: فئة أحدث وأقوى من الأدوية. هي أجسام مضادة وحيدة النسيلة يتم حقنها، وتساعد الكبد على امتصاص المزيد من كولسترول LDL من الدم.
    • أمثلة: أليروكوماب (Alirocumab)، إيفولوكوماب (Evolocumab). عادة ما تكون مخصصة للحالات الشديدة أو الوراثية.
  • الفايبرات (Fibrates):
    • كيف تعمل؟: فعالة بشكل خاص في خفض الدهون الثلاثية وقد ترفع الـ HDL بشكل طفيف.
    • أمثلة: فينوفايبرات (Fenofibrate)، جيمفيبروزيل (Gemfibrozil).
إقرأ أيضاً:  ما هو القلب وأين يقع؟ وما هي وظائفة؟

الوقاية: أفضل من العلاج

الوقاية من ارتفاع الكولسترول تبدأ في سن مبكرة وتستمر مدى الحياة. إنها ببساطة تبني نفس عادات نمط الحياة الصحية المذكورة في قسم العلاج:

  • نظام غذائي متوازن: غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون والدهون الصحية.
  • نشاط بدني منتظم: اجعل الحركة جزءًا من روتينك اليومي.
  • الحفاظ على وزن صحي.
  • تجنب التدخين والتبغ بجميع أشكاله.
  • الفحص الدوري: اعرف أرقامك وناقشها مع طبيبك بانتظام.

العلاجات البديلة والتكميلية

هناك اهتمام متزايد بالعلاجات الطبيعية. بعض المكملات قد تكون مفيدة، ولكن يجب دائمًا استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل، لأنها يمكن أن تتفاعل مع الأدوية أو تكون لها آثار جانبية.

  • الألياف (مثل قشور السيليوم): يمكن أن تساعد في خفض الكولسترول الكلي و LDL.
  • أحماض أوميغا 3 الدهنية: توجد في زيت السمك، وهي فعالة جدًا في خفض الدهون الثلاثية.
  • الثوم: تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يخفض الكولسترول بشكل طفيف، لكن الأدلة مختلطة.
  • الأرز الخميرة الحمراء: يحتوي بشكل طبيعي على مركب يشبه الستاتينات، لكن سلامته وفعاليته كمنتج غير منظم تثير القلق.

إجابات سريعة (لمن يريد الخلاصة)

ما هو الكولسترول؟ مادة دهنية شمعية ضرورية للجسم لبناء الخلايا والهرمونات، ينتجها الكبد بشكل أساسي.

ما الفرق بين الضار والمفيد؟ “الضار” (LDL) ينقل الكولسترول إلى الشرايين وقد يسبب انسدادها. “المفيد” (HDL) يزيل الكولسترول الزائد ويعيده إلى الكبد.

متى يكون مرتفعًا؟ بشكل عام، عندما يكون الكولسترول الكلي فوق 200 ملغ/ديسيلتر، والضار (LDL) فوق 130 ملغ/ديسيلتر. لكن الأرقام المثالية تعتمد على حالتك الصحية.

هل له أعراض؟ لا، ليس له أعراض مباشرة. الأعراض تظهر فقط عند حدوث مضاعفات مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.

كيف انزل الكوليسترول بسرعة؟ “بسرعة” قد يكون صعبًا، لكن أفضل طريقة هي الجمع بين نظام غذائي صارم غني بالألياف والدهون الصحية، وممارسة الرياضة بانتظام، والالتزام بالأدوية التي يصفها الطبيب (مثل الستاتينات).

الأسئلة الشائعة (FAQ)

هنا نجيب على بعض الأسئلة الأكثر شيوعًا التي قد تدور في ذهنك حول الكولسترول.

ما هو الكولسترول وما هي أعراضه؟

الكولسترول هو مادة دهنية شمعية ينتجها الكبد بشكل أساسي وهي ضرورية لوظائف الجسم الحيوية. لا توجد أعراض مباشرة لارتفاع الكولسترول، ولذلك يطلق عليه “القاتل الصامت”. تظهر الأعراض فقط عند حدوث مضاعفات مثل أمراض القلب أو السكتة الدماغية.

ما هي أضرار ارتفاع الكولسترول وانخفاضه؟

الضرر الرئيسي لارتفاع الكولسترول هو تصلب الشرايين، مما يؤدي إلى أمراض القلب، النوبات القلبية، السكتات الدماغية، وأمراض الشرايين المحيطية. أما انخفاض الكولسترول بشكل كبير فهو نادر وقد يرتبط بحالات طبية أخرى، وهناك بعض الأبحاث غير المؤكدة التي تربطه بمشاكل صحية نفسية.

ما هي وظيفة الكوليسترول في الجسم؟

يلعب الكولسترول أدوارًا حيوية متعددة، منها: بناء أغشية الخلايا، إنتاج الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون والإستروجين، المساعدة في إنتاج فيتامين (د)، وتكوين الأحماض الصفراوية التي تساعد في هضم الدهون.

ما هي الأطعمة التي ترفع الكوليسترول؟

الأطعمة التي ترفع الكولسترول بشكل أساسي هي تلك الغنية بالدهون المشبعة والدهون المتحولة. تشمل هذه الأطعمة: اللحوم الحمراء الدهنية، منتجات الألبان كاملة الدسم، الزبدة، الأطعمة المقلية، الوجبات السريعة، والحلويات المصنعة والمعجنات.

من أين يأتي الكوليسترول؟

يأتي من مصدرين: حوالي 75-80% ينتجه الكبد داخل الجسم، والـ 20-25% المتبقية تأتي من الأطعمة الحيوانية التي نتناولها.

كيف أتخلص من الكوليسترول نهائيا؟

لا يمكن “التخلص” من الكولسترول نهائيًا لأنه ضروري للجسم. الهدف هو التحكم في مستوياته وإبقائها ضمن النطاق الصحي. يتم ذلك من خلال تغييرات نمط الحياة (نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة، الإقلاع عن التدخين) وفي بعض الحالات، استخدام الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب مثل الستاتينات.

من هو المسؤول عن الكوليسترول؟

الكبد هو العضو الرئيسي المسؤول عن إنتاج وتنظيم الكولسترول في الجسم. كما أن العوامل الوراثية ونمط الحياة يلعبان دورًا كبيرًا في تحديد مستوياته.

هل العيش البلدي (الخبز الأسمر) يزيد الكوليسترول؟

لا، على العكس تمامًا. الخبز البلدي المصنوع من الحبوب الكاملة غني بالألياف، وخاصة الألياف القابلة للذوبان، والتي تساعد في خفض مستويات الكولسترول الضار. المشكلة تكمن في الخبز الأبيض المصنوع من الدقيق المكرر، والذي يفتقر إلى هذه الألياف المفيدة.

ما هي الفاكهة التي تخفض الكوليسترول؟

العديد من الفواكه تساعد في خفض الكولسترول بفضل محتواها العالي من الألياف القابلة للذوبان (البكتين) ومضادات الأكسدة. من أبرزها: التفاح، الكمثرى، العنب، الفواكه الحمضية (البرتقال، الجريب فروت)، والأفوكادو (الغني بالدهون الأحادية غير المشبعة).

هل الموز مفيد لارتفاع الكوليسترول؟

نعم، الموز مفيد. فهو يحتوي على الألياف والبوتاسيوم، وكلاهما يدعم صحة القلب. الألياف تساعد في إدارة مستويات الكولسترول.

ما هي المشروبات التي تخفض الكوليسترول الضار؟

الشاي الأخضر، حليب الصويا، عصير الطماطم، مشروبات الشوفان، وعصائر التوتيات (مثل التوت الأزرق) يمكن أن تساهم في خفض الكولسترول الضار بفضل محتواها من مضادات الأكسدة والألياف والمركبات النباتية المفيدة.

متى تكون نسبة الكولسترول خطيرة؟

تعتبر نسبة الكولسترول خطيرة عندما يكون الكولسترول الكلي أعلى من 240 ملغ/ديسيلتر، أو عندما يكون كولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (الضار LDL) أعلى من 160 ملغ/ديسيلتر. ومع ذلك، يعتمد المستوى “الخطير” على عوامل الخطر الأخرى لدى الفرد مثل وجود مرض السكري أو أمراض القلب. يجب دائمًا تقييم المخاطر مع الطبيب.

إخلاء المسؤولية الطبية

تحذير: المعلومات الواردة في هذا المقال هي لأغراض التوعية والمعلومات العامة فقط، ولا تشكل بديلاً عن المشورة الطبية المتخصصة أو التشخيص أو العلاج. لا تتجاهل أبدًا المشورة الطبية المهنية أو تتأخر في طلبها بسبب شيء قرأته هنا. استشر طبيبك أو مقدم الرعاية الصحية المؤهل دائمًا بشأن أي حالة طبية قد تكون لديك. هذه المعلومات للتوعية ولا تُغني عن استشارة الطبيب في حال الشعور بأي أعراض غير طبيعية.

خاتمة: أنت قائد رحلتك الصحية

لقد أجبنا بالتفصيل على السؤال المحوري: “ما هو الكولسترول؟ ومتى يكون مرتفعًا؟”. تعلمنا أن الكولسترول ليس عدوًا بطبيعته، بل هو عنصر أساسي في حياتنا. المشكلة تكمن في الخلل، في الزيادة التي تتراكم بصمت وتهدد صحتنا. فهمنا أن القوة الحقيقية تكمن في المعرفة والوقاية. معرفة أرقامك، وفهم ما تعنيه، واتخاذ خطوات استباقية للسيطرة عليها.

الرحلة نحو التحكم في الكولسترول هي رحلة نحو حياة أكثر صحة ونشاطًا. إنها دعوة لتقدير أجسادنا من خلال تزويدها بالغذاء الصحي، ومنحها متعة الحركة، وحمايتها من العادات الضارة. سواء كنت تبدأ اليوم بتغيير بسيط في نظامك الغذائي، أو بقرار المشي يوميًا، أو بالالتزام بخطتك العلاجية، فأنت تتخذ خطوة جبارة نحو مستقبل أكثر صحة. لا تتردد في التحدث مع طبيبك، فهو شريكك في هذه الرحلة. صحتك هي أثمن ما تملك، واليوم هو أفضل وقت للاستثمار فيها.

المراجع العلمية

  1. مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). (2023). “High Cholesterol Facts”. https://www.cdc.gov/cholesterol/facts.htm
  2. جمعية القلب الأمريكية (AHA). (2022). “What is Cholesterol?”. https://www.heart.org/en/health-topics/cholesterol/about-cholesterol
  3. مايو كلينك (Mayo Clinic). (2023). “High cholesterol”. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/high-blood-cholesterol/symptoms-causes/syc-20350800
  4. المعهد الوطني للقلب والرئة والدم (NHLBI). (2022). “High Blood Cholesterol”. https://www.nhlbi.nih.gov/health/blood-cholesterol
  5. منظمة الصحة العالمية (WHO). (2021). “Cardiovascular diseases (CVDs)”. https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/cardiovascular-diseases-(cvds)
  6. Grundy, S. M., et al. (2019). “2018 AHA/ACC/AACVPR/AAPA/ABC/ACPM/ADA/AGS/APhA/ASPC/NLA/PCNA Guideline on the Management of Blood Cholesterol”. *Journal of the American College of Cardiology*, 73(24), e285-e350. https://doi.org/10.1016/j.jacc.2018.11.003
  7. خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة (NHS). (2023). “High cholesterol”. https://www.nhs.uk/conditions/high-cholesterol/
  8. Ference, B. A., et al. (2017). “Low-density lipoproteins cause atherosclerotic cardiovascular disease. 1. Evidence from genetic, epidemiologic, and clinical studies. A consensus statement from the European Atherosclerosis Society Consensus Panel”. *European Heart Journal*, 38(32), 2459–2472. https://doi.org/10.1093/eurheartj/ehx144

✅ مراجعة طبية

تمت مراجعة هذا المقال بواسطة
دكتور نرمين – طبيبة بشرية وكاتبة محتوى طبي معتمدة وكاتبة المحتوي في – موقع دكتور نرمين.

دكتور نرمينطبيبة بشرية وكاتبة المحتوي في - موقع دكتور نرمين

طبيبة بشرية، خبرة سنوات في الطب العام. كاتبة محتوى طبي معتمدة ومتخصصة في تبسيط المفاهيم الطبية.

More Posts